حكايات رومانسية
غالبية الفتيات يحلمن بالسعادة من خلال حياة رومانسية مع رجل وسيم متدفق المشاعر كما
تصوّرها لهن الحكايات والقصص والأفلام، والتي غالبا ما تنتهي بارتباط البطل مع البطلة من
غير أن تصوّر لنا الحياة ما بعد ذلك، فهل رومانسية الأفلام تعني السعادة؟
فلو نجول ببصرنا في المجتمع سنرى الكثير من الحكايات لأسر بنيت على علاقة حب قبل
الزواج وأخرى زواج صالونات من قبل المعارف، فكم منها يعكس رومانسية القصص؟
– التقيا في محفل عام وأعجبا ببعضهما فارتبطا سريعا بالزواج، وقبل اتمامها الثلاثين من
العمر خرجت من معركة مرض عضال أفقدها جزءا كبيرا من جمالها وأنوثتها،
توجّست من أن يتركها زوجها، إلا أنه أمسك بيدها قائلا: أنت الآن أكثر جمالا، فأنا
أشعر بالاطمئنان على أسرتي لوجود امرأة قوية تحميها.
– تزوجته كفيف البصر، هي شهادتها متوسطة وهو يحمل شهادة عالية، وكأنها تتفاخر
بحدّة بصرها لتكمل تواضع تعليمها بشهادته، فأسست معه بيتا وأسرة، ومع تطوّر
التقنيات العلاجية تبرعت له بعين من عينيها كي يستعيد جزءا من بصره، فكافأها
بالزواج من أخرى قائلا: أنت عوراء، فعلمت بأنها فعلا عوراء لأنها لم تنظر إلّا جانبا
واحدا من شخصيته.
– فتاة رائعة الجمال، وافقت على الارتباط بأكثر شخص وسامة ليليق بحُسنها، وما هي
إلا عدّة أشهر لتتبين بأنها واحدة من قائمة أسماء الفتيات على هاتفه، وكردّة فعل
ارتبطت بعدها بأقلّهم وسامة، وما لبثت أن انفصلت عنه بسبب استحواذه على إعجاب
الجميع لقوة شخصيته ودماثة أخلاقه ولباقة حديثه، ولم تتعلم الدرس بأن الجمال الحقيقي
هو جمال الباطن لا الظاهر.
– شابة متعلّمة طالما حلِمت بشاب مهندم يعمل في مؤسسة مصرفية ليقاربها اجتماعيا
وثقافيا، ولظروف استثنائية تزوجت بميكانيكي، صُدمت باختلافات بينهما والتي لم تتهيأ
لها مسبقا، ارتعبت واحبطت، وأثناء فترة الخطبة، قال لها: أنت اختاري كل قطع البيت
فهو بيتك، وأنت بيتي، الآن هي أسعد زوجة في العالم.
كثيرة هي قصص النجاح والفشل من حولنا والتي لا تمت للأفلام بصلة، فلم تكن الشهادة أو
الثروة معيارا لحكمة الزوج، ولا جمال الفتاة وأنوثتها أساسا لإقامة أسرة، ولا ذلك الشغف
والعواطف المتأججة في اللقاء الأول، فالاستقرار والسعادة غير مرتبطين بالوسامة والوجاهة
الاجتماعية،
فعندما تتقدم العاطفة يتراجع العقل ويحدث انفصال بين العلم والعقل لصالح الهوى، فالعقلانية
هي حين يأتلف شخصان بجعل القيم الإنسانية أساسا للعلاقة، (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ
أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ)
ويعملا معا على إنجاحها، فينصبا هدفا أسمى مشتركا أمام أعينهما ليبلغاه.
م.صبا العصفور